هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
*(منتدى عيون القمر)* *(مجدي دعاس)*
اهلاً وسهلاً بكم في منتدى *(عيون القمر)* نرحب بكم بااجمل البقات من الورد والياسمين يوجد في منتدى *(عيون القمر)* الذي يوجد فيه منوعات اتمنا من كل قلبي انا تستمتعو با المنتدى الجميل وتقدو اجمل الاوقات
1- معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله تجده أمامك)). 2- معية الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين ونماذج منها 3- التعرف إلى الله في الرخاء (معناه وأثره) 4- الاستعداد للموت كيف يكون 5- وجوب إفراد الله بالمسألة 6- الاستعانة بالله معناها وأثرها .
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيتواصل الحديث مع الوصية العظيمة والكلمات البليغة، التي حباها رسول الله لحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وهو لا يزال آنذاك غلاما يافعا.
والوصية الثانية: قوله : ((احفظ الله تجده أمامك))، أو تجاهك، فمعنى هذه الوصية، أن من حفظ الله وراعى حقوقه، وجد الله معه في جميع الأحوال يحوطه وينصره ويحفظه بل ويوفقه ويؤيده ويسدده فإنه سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت، وهو تعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
قال قتادة : من يتق الله يكن معه، ومن يكن معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل .
ولقد كان بعض السلف يوصي إخوانه بكلمات نافعة عظيمة الأثر كتب بعضهم لأخيه: أما بعد: فإن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان عليك فمن ترجو.
ومعية الله سبحانه لعباده المتقين الذين حفظوا أوامره، واجتنبوا نواهيه تقتضي النصر والتأييد لهم، قال الله تعالى لموسى وهارون: لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى [طه 46]، وكما في خبر هجرة النبي وصاحبه الصديق رضوان الله عليه إلى المدينة عندما كانت قريش تطاردهم في كل مكان، وكان قد تملك الصديق الخوف، فخاطبه النبي خطاب الواثق بربه فقال: ((يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)).
وفي الحديث عن أبي هريرة : ((إن الله تعالى يقول: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)).
الوصية الثالثة: قول : ((تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ))، وهذا يعني: أن من اتقى الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه في حال الرخاء والصحة، فقد تعرف بذلك إلى الله؛ بينه وبينه معرفة، وهذه المعرفة هي معرفة خاصة تقتضي القرب من أرحم الراحمين، ومحبته سبحانه لعبده، وإجابته لدعائه، حينئذ لا تسأل عن طمأنينة العبد بربه، وثقته به في إنجائه من كل كرب وشدة، فهذا يونس بن متى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، نادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجاب الله دعاءه ونجاه من الغم، أما فرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، لما أدركه الغرق قال: آمنت، فقال الله تعالى: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين [يونس 91]، قال الضحاك : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة .
فإذا تبين أن التعرف إلى الله في الرخاء يوجب معرفة الله لعبده في الشدة، فلا شدة يلقاها العبد في الدنيا أعظم من شدة الموت، فإن كانت خاتمته خيرا فالموت آخر شدة يلقاها، وإن كان مصير العبد إلى شر والعياذ بالله فالموت أهون مما بعده، وكان السلف يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته لكي يحسن ظنه بربه.
قال أبو عبد الرحمن الشبلي: كيف لا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضان، ولما احتضر أبو بكر بن عباس وبكوا عليه قال: لا تبكوا، فإني ختمت القرآن في هذه الزاوية ثلاث عشرة ألف ختمة: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون [فصلت 30].
الوصية الرابعة: قوله : ((إذا سألت فاسأل الله)) وهذه الوصية أمر بإفراد الله تعالى بالسؤال، ونهي عن سؤال غيره من الخلق كما قال تعالى: واسألوا الله من فضله [النساء 32]
وفي الحديث: ((ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع))، وقد بايع النبي جماعة من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا، منهم الصديق وأبو ذر وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه رضي الله عنهم، فسؤال الله تعالى هو المتعين عقلا وشرعا لوجوه متعددة، منها:
أن السؤال فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، فلا يصلح الذل إلا له بالعبادة والمسألة، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك.
أما من أكثر المسألة بغير حاجة فإنه يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم، كما ثبت ذلك في الصحيحين، لأنه أذهب عز وجهه وصيانته وماءه في الدنيا، فأذهب الله من وجهه في الآخرة جماله وبهاءه الحسي، فيصير عظما بغير لحم ويذهب جماله وبهاؤه المعنوي فلا يبقى له عند الله وجاهة .
اللهم كما صنت وجوهنا عن السجود لغيرك، فصنها عن المسألة لغيرك.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فكما أن سؤال غير الله فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، ففي سؤال الله تعالى عبودية عظيمة، لأن فيها إظهار الافتقار إليه، واعترافا بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم، لأن المخلوق جزما عاجز عن جلب النفع لنفسه، ودفع الضر عنها فكيف يقدر على ذلك لغيره؟!
والذي بيده خزائن السماوات والأرض، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء أحق من يسأل ويطلب منه قضاء الحوائج، جاء في الحديث القدسي: ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر))، قال بعض السلف: إني لأستحي من الله أن أسأله الدنيا وهو مالكها، فكيف أسأل من لا يملكها؟! وكان بعض السلف يتواصون في طلب الحوائج إلا من الله، قال طاووس لعطاء: إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه وجعل دونك حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ووعدك أن يجيبك.
والاستعانة طلب العون من الله وحده، وسبب استعانة العبد بالله عز وجل دون غيره من الخلائق، لأن العبد عاجز عن جلب مصالحه ودفع مضاره بنفسه، ولأنه لا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله عز وجل فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول، وهذا تحقيق معنى قول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنه لا تحول للعبد من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك إلا بالله، هذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنة.
وكل مسلم محتاج إلى الاستعانة بالله عز وجل في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلها في الدنيا وعند الموت، وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا معين على ذلك كله إلا الله تعالى، ونحن نقرأ في كل ركعة من صلاتنا إياك نعبد وإياك نستعين [الفاتحة 4] والاستعانة تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه.
والاستعانة بالله هي الوسيلة لتحقيق عبادة الله على الوجه الذي يرضيه، فأهل العبادة الاستعانة بالله عليها غاية مرادهم، وطلبهم منه أن يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها، ولهذا كان أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته، وهو الذي علمه النبي لحبه معاذ بن جبل : ((يا معاذ، والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).
فأنفع الدعاء: طلب العون على مرضاته ومن الناس من يكون معرضا عن عبادة ربه والاستعانة به، فلا عبادة ولا استعانة، بل إن سأله أحدهم واستعان به، فعلى حظوظه وشهواته، لا على مرضاة ربه وحقوقه، فإنه سبحانه يسأله من في السماوات والأرض؛ يسأله أعداؤه وأولياؤه، ويمد هؤلاء وهؤلاء، وأبغض خلقه إليه عدوه إبليس، ومع هذا فقد سأله حاجة فأعطاه إياها، ومتعه بها، ولكن لما لم تكن عونا له على مرضاته، كانت زيادة له في شقوته وبعده عن الله وطرده عنه، وهكذا كل من استعان به على أمر سأله إياه ولم يكن عونا على طاعته، كان مبعدا له عن مرضاته قاطعا له عنه ولا بد.
وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره، وليعلم أن إجابة الله السائلين ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته، ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينيه، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له، فيمنعه حماية وصيانة وحفظا، لا بخلا على كلأ، فمن ترك الاستعانة بالله واستعان بغيره وكله الله إلى من استعان به، فصار مخذولا. كتب الحسن إلى عمر بن بعد العزيز: لا تستعن بغير الله فيكلك الله إليه.