- إنها امرأة معتوهة .
-لا.. عليكم إحضارها حالا .
أشار المختار إلى رجلين من رجال القرية أن يذهبا ويأتيا
بالمرأة المتخلفة .. وفجأة انفتح باب السيارة الخلفي وهبط
منه رجلان يحملان جثـة أ لقيا بها وسط الجمع من أهالي
القرية ..كل العيون تتفحص الجثة .. همهمات تتلعثم على
الشفاه .. أحم..
أحد المصطفين يهمس في أذن صاحبه : إنه أحمد العلي ..
ولكن ..
ما فائدة التعرف عليه وهو الشهيد ؟
ثم يتطلع نحو امرأة تقف بجانبه تدعى أم حسان وكأنه
يعزيها بمصاب جلل .. فتهمس المرأة بصوت متحشرج
: أجل يا أخي
إنه أحمد العلي .. سامحه الله ..سامحه الله .
قال الضابط : من منكم يعرف صاحب هذه الجثة ؟
لا أحد من أهالي القرية يرد عليه .. فيرد قائلا ومشيرا
إلى الجثة بحربته المثبتة على رأس بندقيته :
هذه الجثة وجدناها بعد معركة دارت بين جيش الدفاع
الأسرائلي والمخربين ليلة البارحة .
الجثة تتحرك باتجاه معاكس لوضعها .. وكأن صاحبها
يريد تقبيل التراب الذي دعاه فلبى دعوته .
المختار : إنه يتحرك .. إنه جـريح .
فيرد عليه الضابط : إنه قتيل .. ألم أقل لكم إنه قتيل؟ وأغمد
حربته في ظهر الجريح مما أدى إلى إسكات الحركة فيه ..
وما كاد الضابط ينتهي من سحب حربته من الجثة حتى
هرعت أم حسان وأخذت تقبل الجثة هاتفة بفخر واعتزاز :
إنه ولدي .... إنه ولدي .