والهدف من هذه الجلسة هو البحث في تأثيرات علم الكون الحديث على معتقدات الإنسان وأفكاره، وسأصل إلى هذه النقطة قريبا جدا لأؤكد وجهة نظري بأن علم الكون -في الماضي- تداخل مع الإنسان بل وحتى مع المبادئ الدينية، ولذا اسمحوا لي بأن استعرض لكم وبسرعة مبادئ علم الكون الإسلامي التقليدي كما يمكن استخلاصها من القرآن الكريم:
-الله جلت قدرته خالق الكون وخلقه هذا كان رحمة وعطاء منه.
-خلق الكون لغاية محددة.
-وهو مستمر بقدرة الله.
-يتميز الكون بخصائص الكلية والنظام والانسجام بين عناصره وأحداثه، وهو ما سمّي بنظرية "التوازن" (المفكر المعاصر مظفر إقبال)
وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تصب في هذا المنحى،
"والسماء بنينها بأيد وإنا لموسعون" (سورة الذاريات الآية 47).
"أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقنهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" (سورة الأنبياء الآية 30).
بيد أن علم الكون في الوقت الحاضر مختلف جدا عما كان عليه قبل عشرين عاما، ناهيك عما كان عليه قبل مائة أو ألف عام.
إذ لم يعد هذا النوع من العلم حقلا من حقول الفلسفة بل ميدانا راسخا من ميادين الفيزياء الفلكية وفيزياء الجسيمات. ولتوضيح هذه الفكرة أريد تلخيص التغير الذي طرأ على مسائل كوسمولوجية أساسية منذ العصر القديم إلى بداية القرن العشرين ثم الثمانينات ثم اليوم:
الحقبة | حجم الكون | عمر الكون | طبيعة الكون |
العصر القديم | 108 كلم | 10 آلاف عام | ثابتة |
1900 | 1017 كلم | لا نهائي | ثابتة |
1980 | 1023 كلم | 10-20 مليار عام | متضخم، متمدد لكن متباطئ |
اليوم | 1023 كلم إن لم يكن لا نهائي | 13.5-14 مليار عام | متضخم، متمدد ومتسارع |
لكن واستنادا إلى طبيعته الخاصة لا يعد علم الكون حقلا علميا محضا، بل يتصل بشكل وثيق بنظرتنا للعالم، ومعتقداتنا بل وحياتنا أيضا، كما أوضح بريماك وأبرامز في كتابهما الأخير "النظرة من مركز الكون".