ومن ملاحظة الترتيب الدقيق، صاغ العلماء والمفكرون -ابتداء بكارتر- "المبدأ الأنثروبي" المشتق من الكلمة اليونانية القديمة أنثروبوس وتعني الإنسان.
-ويمكن توضيح مبدأ كارتر الأنثروبي "الضعيف" على النحو التالي: للكون خصائص فيزيائية محددة تتيح للحياة أن تنشأ، وبالتالي يتعين على أي نظرية خاصة بعلم الكون، أو أي جزء منها، أن يأخذ ذلك بالحسبان.
-أما المبدأ الأنثروبي "القوي" فيقول بأنه يجب على الكون أن يمتلك تلك الخصائص حتى يكون للحياة أن تظهر وتتطور بداخله في مرحلة ما من تاريخه.
-وبحسب العالمين ريتشاردز وغونزاليس، يذهب المبدأ الأنثروبي إلى صيغة أقوى من ذلك بكثير إذ يؤكدان أنه ليس الكون فقط، بل المجرة والنظام الشمسي والشمس والقمر والأرض، كلها تم ترتيبها بدقة من أجل وجود الإنسان.
-ويرى جان ستون في مبدأه الأنثروبي (القوي جدا) أن الكون أعد لحياة متطورة وأكثر تقدما من الإنسان كي تنشأ.
-المبدأ الأنثروبي الفائق (الإسلامي) الذي يصرح أن الكون كله أعد وسخر لخدمة الإنسان.
على أي حال لا تزال نظرية الترتيب الدقيق للكون وصيغ المبدأ الأنثروبي تطرح أسئلة هامة مثل:
-هل الحياة جوهرية بالنسبة لتطور الكون؟
-وهل الحياة نادرة أم متوفرة في الكون؟
-هل نمتلك نحن مكانا "رديئا" أم "مركزيا" -بالمعنى المجازي-؟
-هل يجب أن تكون الحياة والإنسان جزءا من التوصيف أو النموذج الكوني؟
ويمكن ذكر بعض الإجابات المقدمة لهذه المشاهدات والملاحظات والتساؤلات، ومنها:
-فرضية الأكوان المتعددة التي تعتقد بوجود عدد كبير من أكوان أخرى لا يمكن رصدها، وهي موجودة وراء عالمنا الكوني (وهي أكوان "حقيقية" ولكن يفترض أن توجد دون أن يكون لها أي صلة بكوننا).
- القول بأن كوننا هو هكذا وكان يمكن أن يكون مختلفا تماما، ولا داعي للتساؤل كثيرا؟
-الكون مصمم بفعل الخلق الإلهي، وهو ما تصرح به الديانات السماوية التوحيدية التي تقول إن الله خلق الكون واختار مكوناته لأسباب خيرة هدفها خدمة الإنسان.
-الكون الفريد، الذي سيتم تفسيره لاحقا بفضل نظرية يتطلع الفيزيائيون المتفائلون بظهورها (نظرية نهائية أو نظرية كل شيء) يفترض أن تشرح لنا السبب وراء وجود الكون أو الأكوان المتعددة على ما هي عليه. لكن لا يزال يتعين على أصحاب هذه النظرية أن يحددوا السبب الذي سيفسر ما سيجعل تلك النظرية هي النظرية النهائية والمفسرة لكل شيء دون سواها، أي من وما الذي حدد معالم تلك النظرية (أسس الكون).